فصل: اللغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} {اقتربت الساعة} فعل ماض وفاعل {وانشق القمر} عطف على الجملة المتقدمة.
{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقولوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} الواو عاطفة و{إن} شرطية و{يروا} فعل الشرط مجزوم وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل و{يعرضوا} جواب الشرط {ويقولوا} عطف على {يعرضوا} و{سحر} خبر لمبتدأ محذوف أي هذا و{مستمر} صفة لسحر وفي {مستمر} أربعة أقوال أحدها وهو الظاهر أنه دائم مطّرد وقيل: مستمر قوي محكم من قولهم استمر مريره، قال البحتري في وصف الذئب:
طواه الطوى حتى استمر مريره ** فما فيه إلا الروح والعظم والجلد

و قيل هو من استمر الشيء إذا اشتدت مرارته فلا ينساغ وقيل مستمر مار ذاهب لا يبقى وجميع هذه الاحتمالات سائغة.
{وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} الواو عاطفة و{كذبوا} فعل وفاعل {واتبعوا} فعل وفاعل و{أهواءهم} مفعول به، وسيأتي سر العدول عن المضارع إلى الماضي في باب البلاغة، والواو للاستئناف و{كل أمر} مبتدأ و{مستقر} خبره والجملة استئناف مسوق لإدخال اليأس إلى قلوبهم مما علّلوا به أمانيهم الكذوب، وفي {مستقر} قراءات منها مستقر بفتح القاف على أنه اسم مكان أو زمان أو مصدر ميمي أي ذو موضع استقرار أو زمان استقرار أو استقرار وقرئ بالجر صفة لأمر فيكون {كل} مبتدأ والخبر محذوف أي معمول به أو معطوفا على {الساعة} واستبعده أبو حيان لطول الفصل بجمل ثلاث.
{وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ} الواو عاطفة واللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق و{جاءهم} فعل ماض ومفعول به و{من الأنباء} حال من {ما} و{ما} موصولة أو موصوفة وعلى الحالين هي فاعل {جاءهم} و{فيه} خبر مقدّم و{مزدجر} مبتدأ مؤخر والجملة صلة {ما}.
{حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ} {حكمة} خبر لمبتدأ محذوف أو بدل من ما و{بالغة} صفة لحكمة ومفعول {بالغة} محذوف والتقدير بالغة غايتها أي لا يتطرق إليها خلل والفاء عاطفة وما نافية أو استفهامية للإنكار وهي في محل نصب مفعول مطلق أي فأي غناء تغن النذر ويجوز أن تجعلها مفعولا به مقدّما أي فأي شيء من الأشياء تغن النذر و{تغن} فعل مضارع مرفوع و{النذر} فاعل {تغن}.
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ} الفاء الفصيحة وتولّ فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وفاعله مستتر تقديره أنت أي لا تناظرهم بالكلام و{عنهم} متعلقان بتولّ و{يوم} ظرف متعلق باذكر مضمرا أو بيخرجون وجملة {يدع} في محل جر بإضافة الظرف إليها وحذفت الياء من يدعو خطا والداعي فاعل يدعو وقرئ بإسقاط الياء اكتفاء بالكسرة و{إلى شيء} متعلقان بيدعو و{نكر} صفة لشيء.
{خُشَّعًا أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ} {خشعا} حال وقرئ {خاشعة} و{خاشعا وأبصارهم} فاعل {خشعا} قال الزجّاج: ولك في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد فتقول خاشعا أبصارهم ولك التوحيد والتأنيث نحو خاشعة أبصارهم ولك الجمع نحو خشعا أبصارهم وتقول مررت بشباب حسن أوجههم وحسنة أوجههم وحسان وجوههم قال:
وشباب حسن أوجههم ** من إياد بن نزار بن معبد

وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون في {خشعا} ضميرهم وتقع {أبصارهم} بدلا منه وجملة {يخرجون} مستأنفة و{من الأجداث} متعلقان بيخرجون. وكأن واسمها و{جراد} خبرها و{منتشر} صفة وجملة {كأنهم جراد} حال.
{مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقول الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ} {مهطعين} منصوب على الحال أيضا من فاعل {يخرجون} و{إلى الداع} متعلقان بمهطعين وجملة {يقول الكافرون} استئنافية كأنها قد وقعت جوابا لسؤال عمّا نشأ من وصف اليوم بالأهوال وأهله بسوء الحال كأنه قيل فما يكون حينئذ فقيل يقول الكافرون وجوّز بعضهم أن تكون الجملة حالية من فاعل {يخرجون} فالأحوال من الواو إذن أربعة واحد مقدّم وثلاثة مؤخرة وجملة {هذا يوم عسر} مقول القول.

.البلاغة:

1- المبالغة: في قوله: {اقتربت الساعة} زيادة مبالغة على قرب، كما أن في اقتدر زيادة مبالغة على قدر لأن أصل افتعل إعداد المعنى بالمبالغة نحو اشتوى إذا اتخذ شواء بالمبالغة في إعداده.
2- العدول عن المضارع إلى الماضي: وفي قوله تعالى: {وكذبوا واتبعوا أهواءهم} عدول عن المضارع كما يقتضيه ظاهر السياق لكون {كذبوا} و{اتبعوا} معطوفين على {يعرضوا}، والسر في هذا العدول الإشعار بأنهما من عاداتهم القديمة.
3- التشبيه المرسل المفصل: وفي قوله: {يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر} تشبيه مرسل مفصّل لأن الأركان الأربعة موجودة فيه فقد شبّههم بالجراد في الكثرة والتموج وعبارة القرطبي {كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع} وقال في موضع آخر: {يوم يكون الناس كالفراش المبثوث} فهما صفتان في وقتين مختلفين أحدهما عند الخروج من القبور يخرجون فزعين لا يهتدون أين يتوجهون فيدخل بعضهم في بعض فهم حينئذ كالفراش المبثوث بعضه في بعض لا جهة له يقصدها فإذا سمعوا المنادي قصدوه فصاروا كالجراد المنتشر لأن الجراد له وجه يقصده. وهذا تعقيب جميل. وقد أفاد هذا التشبيه تجسيد الصورة وتشخيصها فهذه الجموع الخارجة من الأجداث في مثل رجع الطرف تشبه الجراد الذي اشتهر بانتشاره واحتشاده دون أن يكون له هدف من هذا الانتشار والاحتشاد وكذلك هذه الجمع قد ألجمها الخوف وعقد الهول أفهامها وضرب عليها رواكد من الحيرة وغشيها بأمواج من الضلالة والرين فهي تسير تلبية لدعوة الداع دون أن تعرف لم يدعوها، ولكنها تعرف بصورة مبهمة أنه يدعوها إلى شيء نكر لا تكتنه حقيقته ولا تعرف فحو اهـ.

.[سورة القمر: الآيات 9- 17]:

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (16) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)}.

.اللغة:

{مُنْهَمِرٍ} المنهمر: المنصب بشدة وغزارة وفي المختار: همر الدمع والماء صبّه وبابه نصر وانهمر الماء: سال. قال امرؤ القيس:
راح تمريه الصبا ثم انتحى ** فيه شؤبوب جنوب منهمر

{وَفَجَّرْنَا} التفجير: تشقيق الأرض عن الماء وللفاء مع الجيم فاء وعينا خاصة غريبة فهما تدلّان على الشق والتصديع، ففجأ وفجئ فجئا وفجأة وفجاءة وفاجأ مفاجأة الرجل: هجم عليه أو طرقه بغتة من غير أن يشعر به، والفجر ضوء الصباح وفيه تصديع لظلمة الليل، وشقّ لحنادسه، ومشى فلان مفاجّا بين رجليه أي مفرجا بينهما وفي أحاجيهم:
ما شيء يفاجّ ولا يبول: هو المنضدة شيء كالسرير له أربع قوائم يضعون عليه نضدهم وافتج الرجل: سلك الفجاج والفج يجمع على فجاج وفجاج وهو الطريق الواسع الواضح بين جبلين وركب فلان فجرة عظيمة وهو من أهل الفجر لا من أهل الفجور وهو الكرم وتبطح السيل في مفاجر الوادي ومرافضه وهي المواضع التي ترفض إليها السبل، وفجعه ما أصابه وفجّعه ويقولون: الدهر فاجئ بالشر فاجع واهب في هبته راجع، والفجوة المتّسع.
{عُيُونًا} جمع عين الماء وهي ما يفور من الأرض مستديرا كاستدارة عين الحيوان فالعين مشتركة بين عين الحيوان وعين الماء وعين الذهب وعين السحاب وعين الركية ويقال للعين ينبوع والجمع ينابيع والمنبع بفتح الميم والباء مخرج الماء والجمع منابع.
{وَدُسُرٍ} الدسر: المسامير التي تشدّ بها السفينة واحدها دسار ودسير ودسرت السفينة أدسرها دسرا إذا شددتها وقيل إن أصل الباب الدفع يقال دسره بالرمح إذا دفعه بشدة والدسر صدر السفينة لأنه يدسر به الماء أي يدفع ومنه الحديث في العنبر: هو شيء دسره البحر. وفي المختار الدسر: الدفع وبابه نصر. ويمكن التوفيق بين القولين لأن المسمار يدفع في منفذه، وسيأتي المزيد من هذا المعنى في باب البلاغة.
{مُدَّكِرٍ} أصله مذتكر فقلبت التاء دالا لتواخي الذال في الجهر ثم أدغمت الدال فيها.

.الإعراب:

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} {كذبت} فعل ماض والتاء للتأنيث و{قبلهم} ظرف زمان منصوب لإضافته متعلق بكذبت و{قوم نوح} فاعل {كذبت}، {فكذبوا} الفاء عاطفة وكذبوا فعل وفاعل و{عبدنا} مفعول به {وقالوا} عطف على كذبوا و{مجنون} خبر لمبتدأ محذوف أي هو مجنون، {وازدجر} يجوز عطفه على {قالوا} أي لم يكتفوا بهذا القول بل ضمّوا إليه زجره ونهره وقيل هو معطوف على هو مجنون فهو في حيز مقولهم أي قالوا هو مجنون وقد ازدجرته الجن وتخبطته وذهبت بلبّه، {وازدجر} فعل ماض مبني للمجهول.
{فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} الفاء عاطفة ودعا ربه فعل ماض وفاعل مستتر ومفعول به وأن وما في حيزها في محل نصب بنزع الخافض أي بأني مغلوب على حكاية المعنى ولو جاء على حكاية اللفظ يقال أنه مغلوب، وأن واسمها وخبرها والفاء عاطفة وانتصر فعل أمر أي انتقم لي منهم فمتعلق انتصر محذوف كما رأيت.
{فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ} الفاء عاطفة على محذوف مقدّر أي فاستجبنا لنوح دعاءه ففتحنا، وفتحنا فعل وفاعل و{أبواب السماء} مفعول به و{بماء} متعلقان بفتحنا والباء للتعدية على المبالغة حيث جعل الماء كالآلة التي يفتح بها كما تقول فتحت بالمفتاح ويجوز أن تكون الباء للملابسة أي ملتبسة بماء منهمر فتكون في موضع نصب على الحال، و{منهمر} صفة لماء.
{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} {وفجرنا} عطف على فتحنا و{الأرض} مفعول به و{عيونا} تمييز فإن نسبة {فجرنا} إلى {الأرض} مبهمة و{عيونا} مبين لذلك الإبهام والأصل وفجرنا عيون الأرض فحول المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وجيء بالمضاف تمييزا، فالتقى عطف على {فجرنا} و{الماء} فاعل التقى و{على أمر} متعلقان بالتقى وأفادت على معنى التعليل والمعنى اجتمع لأجل إغراقهم المقضي أزلا، وقيل في موضع نصب على الحال، وجملة {قد قدر} صفة لأمر.
{وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ} الواو عاطفة و{حملناه} فعل وفاعل ومفعول به و{على ذات} متعلقان بحملناه و{ألواح} مضاف إليه {ودسر} عطف على {ألواح}.
{تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ} الجملة صفة لذات دسر و{ذات ألواح} في الأصل صفة لسفينة فهي صفة ثانية و{تجري} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدّرة على الياء و{بأعيننا} جار ومجرور في موضع نصب على الحال من الضمير في {تجري} أي مكلوءة ومحفوظة بأعيننا و{جزاء} مفعول لأجله أي فعلنا ذلك جزاء أو بتقدير جازيناهم جزاء ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال و{لمن} متعلقان بجزاء وجملة {كان} صلة من.
{وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} الواو عاطفة واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق و{تركناها} فعل ماض وفاعل ومفعول به والضمير يعود على الفعلة وهي إغراقهم على الشكل المذكور وأجاز الزمخشري أن يعود على السفينة، و{آية} حال أو مفعول به ثان إذا كان تركنا بمعنى جعلناها والفاء عاطفة وهل حرف استفهام و{من} حرف جر زائد و{مدكر} مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره موجود.